الجمعة، 26 مارس 2010

ارْتباكات الآنـــســـة (أنا ) ! ..


اختفت معالم كثيرة في حياتي ، لم تعد السعادة تأخذ كثيرًا من وقتي ،سعيدة أنا اليوم على نحو لا يليق بي ..

وليس يسعدني مثل هذا الظن ..

لاأدري لماذا نشعر عند اختفاء أحدهم أن الدنيا أصبحت قاصرة على أن تمدنا بفرحٍ غزير

آه كم تشوهنا لعنات الغياب ..قد تكاد تخلو أي نكبة من غياب أحدهم !

اعتدت على أن أرتل الحزن بصوت منخفض ، علي لا أحدث صخبًا أزعج به الآخرين ..لكنني قررت اليوم أن أحزن بصوت مرتفع ، لأطمئن أن جراحي مازالت بخير ، وأنه ثمة هناك ما أحيا من أجله ..!

اطمئنوا , لم تكن تلك إلا بداية المأساة .. والبدايات دومًا لاتحمل الكثير من الوجع كما النهايات

لكنني أكرههما معًا على نفس النحو ، لأنهما مسببتان لبعضهما ..ولاتتخلى إحداهما عن الأخرى ، فالبدايات لابد لها من نهاية

لا أعلم إلى الآن سبب بغضي لهما ، ربما لأنني لم أجد إلى الآن من يلازمني على هذا النحو !

استيقظت يوم الأربعاء مبكرة ، لقد كان يومًا عاديًا مثل أي يوم مدرسي ممل ! ويدعوا إلى التهكم

غير أن ما ميزه ذلك الألم الغريب في معدتي ، سأكون منصفة إن قلت أنني بحياتي لم أتعرض لمثله ..

تجاهلت الألم ، وقلت علني أتوهم ، لعل كل هذا الألم لم يكن إلا محاولات يائسة من جسدي لإيجاد سبب يدعوني للغياب عن المدرسة .. لأنه على الأقل الغياب الوحيد الذي أمارسه بسعادة !

لقد هرب الليل بسرعة ، وفتحت عيني وقد كان مؤذن حينا يقول حينها أن الصلاة خيرٌ من النوم ، لقد كانت خيرًا من الرحيل كذلك .. لكن أحدًا لم يفهم !

نهضت من سريري ، وبيأس ..رتلت الكارثة اليومية ..مضى النهار المدرسي على خير ، فوجئت فيه بالنزيف الأنثوي الذي أتى مبكرًا جدًا هذا الشهر ، كان يومًا استنزفني جدًا ،

آآه ، إنها الحصة الأخيرة ، انتابني شعور فرحِ مختلط بحزن ، لم أكن أعلم سببه وقتها !

حملت حقيبتي ، وكل ما اقترفناه من دروس ، وكتاب اليهود *

ثم جائتني خلود وقالت لي : اشبك زعلانة ، ماريا اليوم ربوع نسيتي ؟

لقد اعتاد الجميع على أن يوم الأربعاء هو يوم السعادة ونسيان الألم بالنسبة لــ ماريا ، كنت قبل الذهاب إلى المنزل .. اجري في أروقة المدرسة وآمر الجميع بنسيان التعب بحجة أن (اليوم ربوع ) ..!

الجميع كان يبتهج عند سماعه أن اليوم ربوع حقًا ..!

مع أنهم يعلمون ، لكنهم بحاجة أن يتذكروا هذا ..

لم يكن الابتسام في هذا اليوم القرار الأمثل الذي أتخذه ، حاولت أن أحرك شفتي وأبتسم حتى أوراي دموعي ..لقد شعرت برغبة في البكاء حقًا . احتضنت خلود ومريم على عجل ،- لقد خفت أن ينتقل حزني إليهما- و ذهبت مسرعة إلى حيث باب الخروج ..وركبت مسرعة في السيارة ..

ويـــــــــــــــلاه ، ضــــاق الصــدر ..

ومــاذكـــر يــــســــأل علي ّ ويــــــلاه !!

هذا ماكانت تقوله المسجلة حين إذن ، حاولت أن أتجاهل أذني ، واغرق بأفكاري ، ومعدتي حين إذن لازالت تؤلمني ..

أخيرًا ..وصلت إلى المنزل

استلقيت على الأرض ، أنني متعبة كثيرًا ..

استطعت أن استجمع قواي ، وأن انهض مجددًا وأبدل ملابسي ، مع كل هذا الألم ، أمسكت بحبيبي اللابتوب وفتحت الماسنجر بن هتمل .. <لاأعرف كيف أعبر عنه بالعربية

......................................................................

.......................................................................


دار بيني وبين الكثيرين حوارات ، الجميع تقريبًا كانوا يقولون لي أنني واحشاهم ..

مع استثناءات طفيفة ....



أعتذر من الجميع على أني لم أستطع أن اكمل خاطرتي هذه ..

أشعر بالارتباك كثيرًا ، لا أستطيع الآن مقاومة الدموع ..

تبدو الأشياء الممتعة أشدّ إيلاماً عند تخللها للمواقف القاسية ، حيث لا وقت للفرح ..
كأنما تقوم بمَدّ لسانها من بعيد .. وتخبرك أنها هنا قريبة لكن ليس بما يكفي لحصولك عليها
شيءٌ ما يتعلق بحُزن هذا اليوم هو ما يملي شروط الإقبال والإدبار ، ويقطع متعة اجترار الأوجاع بظهور أفراحٍ متأخِّرة .. أو وجوهٍ وافدة
كم يبدون جهَلةً أولئك الذين يأمروننا بالفرح وهجر جراحنا في كل وقت ، وكم يبدو مستحيلاً أن أصل إليهم باعتقادي هذا ..

نبدو عند رحيل الشخوص الأبلغ تأثيراً في حياتنا بحاجةٍ إلى من يُقنعنا مجدداً بأن الفراق هو القرار الأمثل

أحتاج من يقنعني بهذا .. أنني حقًا أحتاج إلى من يقنعني بهذا ..!

لا شيء أقوله لكم أكثر ، سوى أنني أسأل الله أن يُسدل الستار عن كذب أحدهم عليّ .. وأني أشتاق حقًا لأن يكذب عليّ مجددًا ..

اللعنة ..

كان على الأشياء أن تحدد موقفها منا مبكرًا .. لا أن تحرمنا كذبها فجأة .

_____________________________________

*كتاب اليهود : (اليهود، الموسوعة المصورة ) كتاب استعرته من صديقتي مريم ، بعد أن بحثت عنه طويلاً .