الثلاثاء، 24 يوليو 2012

إلى إم بي سي.. عندما جمعنا رمضان،وفرّقنا "عُمَر"!



"إذا رأيت الرجل يدافع عن الحق فيشتم ويسب ويغضب فاعلم أنه معلول النية لأن الحق لا يحتاج إلى هذا !"

الإمام مالك
,,

بعد أن أتى رمضان ..أستطيع أن أقول لإم بي سي مرة أخرى لقد نجحتِ ..نجحتِ في حين لم نكن نتوقع ذلك ، إذ أثبتَِ لنا مرة أخرى أن أكثر أسباب اختلافنا لاتعدو كونها أسبابًا "شكلية" ،وأن من سيمثل دور عمر -رضي الله عنه- كان أهم لدينا من نشر سيرته ونفع الناس به ! وأنّا أمة لديها قدرة عجيبة على الاطلاع على نيّات الناس، إذ أن كل من شارك في عمل مسلسل عمر -رضي الله عنه- غرضه كسب المال ،وإغراق الناس بفتنة الشبهات ،معلنة بأنكِ عجزتِ عن إغوائنا بفتنة الشهوات !




أنتِ وتلفزيون قطر ، دبرتم مؤامراة كُبرى لتذكيرنا بعمر -رضي الله عنه - في رمضان ! إذ كنّا سنكتفي فقط بمشاهدة المسلسلات الأخرى التي لن تعطينا رُبع القيم التي سنخرج بها من مسلسل عُمر ! ألم تعلمي يا أم بي سي أنّ الدراما التركية تكفينا ، وأن "بنات العيلة" و"فرقة ناجي عطا الله" هم أولى بالبث والمتابعة ، ثمّ إن التلفزيون هو أداة ترفيه ..وليس أداة تثقيف كما تعلمين ! أما عن عمر -رضي الله عنه- فلا تقلقي .. طيلة هذه السنوات وهو موجود في كتب التاريخ ، وسيبقى ..!مالحاجة في جعله رمزًا ؟وتمثيل عدله وحكمته ؟ وجعل الصغير والكبير يردد كلماته،ويحفظ عباراته ،ويجعل منه قدوة ؟مالفائدة من إتاحة الفرصة للعامة في متابعة مسلسل ثري لغةً ومليء حكمة ؟وماذا ستجني الأمة حينما ترى قصة مظلومين ثاروا على ظلمهم !وقالوا للجهل "لا"؟!وعن صحابة كرام ناصروا نبيهم وآزروه ؟!




ألاترين معي يا إم بي سي أن تاريخكِ أسود معنا؟ إذ أنكِ قمتِ بعرض الكثير مما لا يرتضيه ديننا الحنيف ، استمري بعرضها كُلها،لأنكِ حين تفكرين مرة في تقديم المفيد لنا ! فسنقاطعُكِ وسنقف في وجهكِ ، ونثور عليكِ ،سنبرز كل أخطائك ..القديم منها والجديد !حتى وإن حاولتِ جاهدة أن تقدمي لنا برامج دينية أخرى عن عمر -رضي الله عنه- كذلك ،وأن تنقلي بعض مسلسلاتكِ إلى أم بي سي دراما احترامًا لعمر -رضي الله عنه- فهذا لايعنينا !




ولا يغُرنّكِ يا إم بي سي تلك المقولات التي نرددها دائمًا ،عن أن ديننا يتقبل إحسان المسيء ،وترديدنا لتلك الأحاديث التي تنهانا عن ظلم المحسنين الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا ، وإيماننا أنه عند الله .."من يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره" فهذا كله في الكتب ،ونتعامل معه تمامًا كما نتعامل مع سيرة عمر-رضي الله عنه - منذ 14قرنًا ،نحفظها عن ظهر قلب ، ولاتسألينا عن تطبيقها !



نريد أن ننقض عليكِ من أجل تجرؤكِ على عرض تجسيد شخصية عمر -رضي الله عنه-!متناسين أنّ هذا تكريس لأوضاع خاطئة ،وأنه قلبٌ لأولوياتنا رأسًا على عقب ،وأنّ هنالك شعبًا يموت ظُلمًا بسبب طاغية جار ثم استجار بصمتنا ..لأننا مشغولون بشتمكِ والتنكيل بكِ !



لقد أخطأتِ يا إم بي سي في تقديرك للأمور، لذلك سنطاردك في كل مكان، سنطاردك هاشتاق هاشتاق، ! ونفرغ كل عقدنا بسبب تخلّفنا فيكِ، وسنشهر كل أقلامنا ، متجاوزين الفساد والبطالة وآلاف المعتقلين والشهداء والاستبداد والخوف وانعدام الحرية وجور الحُكّام ، وسنأتي ونقاطعُكِ لنستريح، ويستريح المجتمع منك ومن مكرك ووقوفك أمام نهضة الأمة وحريتنا بتذكيرنا بعُمر -رضي الله عنه-، سنفعل ذلك يا إم بي سي من أجلنا لا من أجل ما فعلته ..لأنكِ فعلتِ من أجل نشر سيرة عمر -رضي الله عنه- شيئًا ..في حين أننا لم نفعل ! لذلك سنعتبر مسلسل عُمر إثمًا ورجزًا وخطأ ،فنحن لانبحث عن الصواب بقدر ما نبحث عن الأشياء المُريحة ،وأي شيء مُريح يُمكننا أن نجعله صوابًا !

هناك 12 تعليقًا:

  1. بالرغم من إختلافي مع بعض الجزئيات التي تطرقتِ لها .. الا أنها وجهة نظر يغلب عليها طابع الحيادية والإنصاف .. تدوينة أكثر من ممتعة يا ماريا .. تقبلي مروري .. ودُمتِ لنا مدونة تصدح بكلمة الحق في سماء الابداع

    ردحذف
  2. رائعة كعادتك .. =) ياريت كل الناس يقتنعو

    ردحذف
  3. تعليق (1) :
    شكرًا جزيلًا للطفك .. لكم وددتُ لو تطرقت لمواضع الخلاف ، إذ أننا نتعلم من مخالفينا أضعاف ما نتعلمه من مؤيدينا :")
    مرورك يسعدني كثيرًا

    تعليق (2):
    ماهي إلا روعتك انعكست علي ..شكرًا

    ردحذف
  4. و الله رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائعة .

    ردحذف
  5. لااااااااااا تعلييييييييييييييق .. اذا سمحت انا عملت ليها شير

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا على الشير ويعطيك العافية

      حذف
  6. مقالة جميلة ،
    ثم أهنئك على هذا التمكن اللغوي ،
    وتحية

    ردحذف
    الردود
    1. أسعدك المولى .. مرورك هنا وطنٌ يا وطن :)

      حذف
  7. ماريا ماريا... كلماتك دائما جميلة و حكيمة و تُذهب الشك من قلبي.
    من بداية رمضان و أنا أشاور نفسي هل اتابع المسلسل أم لا. مع إني لا اتابع اي شي اصلا. و كنت في البداية ضده و مشاعري ملخبطة. إلا انها ترتبت الآن...

    الله يسعدك :)

    ردحذف
  8. مقال مخصص لمن كان مصدر الحقائق التاريخية لديه التلفاز, فهنيئا.
    وما عسى "وجهات النظر" أن تفيد أمام أقوال الفقهاء والمشايخ؟

    ردحذف
  9. ما زال رأيي بأن أسباب الخلاف على هذا المسلسل كانت سياسية بحتة، فكيف نعرض سيرة أعدل الناس والظلم ينتشر بيننا.

    وكيف لا نتابع مسلسل قام بمراجعته شيخانا الجليلان الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور سلمان العودة

    شكرا على مقالك الرائع الساخر من أنفسنا وحالنا ^_^

    ردحذف